نحن الوطن
كثيراً ما تلفت انتباهي عبارة يكررها المغتربون و القاطنون خارج حدود الوطن ألا و هي : (الله
يلعن أبو الغربة) ، فكثيراً ما تفكرت في هذه العبارة و تساءلت : هل الشوق و الحنين لأرض
الوطن أم للأهل الذين يسكنون الوطن ؟ هل الغربة هي الغربة عن الوطن أم عن الأهل؟ ، و قد
يظن البعض أنه لا فرق بينهما ، و لكن هناك بينهما بوناً شاسعاً ، و تفصيل ذلك : أنك ترى الرجل
يسافر إلى إحدى أقطار الخليج العربي بل إلى قطر عربي مجاور فيسمى مغترباً ، و تراه دائماً
ساهماً مطرقاً حزيناً فإذا ما سألته عن السبب أجابك على الفور : ( الشوق للوطن ) ، غير مدرك
أنه ما زال ضمن حدود الوطن ، و مع أن هذا الكلام قد يبدو للبعض غير واقعي و خيالياً على
اعتبار أننا أمة عربية واحدة في الخيال و الأمل ، إلا أنني أذكر أن نفس الرجل ما أن يحضر
عائلته للعيش معه حتى ينسى الوطن و كل ما فيه و لا يذكره إلا في المناسبات و عند تذكر الأيام
الخوالي ، فأين ذهب هذا الحب و أين ذهب هذا الشوق ؟ ، لقد ذهب كله بعد أن تحقق وجود
الوطن الحقيقي الذي نجهله حقاً ، ثم إنك إذا نظرت إلى أولاد هذا الرجل الذين ولدوا و تربوا على
أرض هذا ( الوطن الجديد ) فإنك تراهم يعتزون بالانتماء إلى هذا ( الوطن الجديد ) و لا يرضون
عنه بديلاً ، بل إن البعض من أمثال هؤلاء يقطع الصلة تماماً مع ( وطنه القديم ) جاعلاً ( الوطن
الجديد ) مقره و مسكنه الوحيد الذي إذا ما ابتعد عنه حنّ إليه و اشتاق .
أكثر من هذا البعض يذهب للعمل أو للدراسة أو لأي سبب آخر إلى مدينة أخرى ضمن حدود
الوطن قد لا تبعد عن بيته أكثر من عشرات الكيلومترات ، إلا أنه يعتبر نفسه غريباً في هذه المدينة
فيبقى حزيناً متألماً يشكو ألم الوحشة و الغربة !!؟؟ ، أليس هذا أكبر دليل على أننا نحن أوطان
بعضنا ، و أنا هنا و بكل تأكيد لا أقلل أبداً من قيمة هذه الأرض الطيبة المباركة التي نعيش عليها ،
و لكنني أحاول توضيح نقطة غفل عنها الكثيرون ، فالكثيرون يظنون أن شوقهم و حنينهم إنما هو
للأرض فقط ، بينما الحقيقة أنه إذا ما تم نقل منزله كاملاً بكل من فيه إلى (وطنه الجديد) فإن كل
هذه المشاعر و العواطف الجياشة ما تلبث أن تلفظ أنفاسها و تنفق .
فما رأيكم ... دام فضلكم !!!؟؟؟
إنما هذه الحياة من صنع أيدينا نحن ... نحن من نجعلها جحيماً
ونحن من نجعلها فردوساً
نحن الآن في هذا الزمن وبوجود الأنترنت أصبحنا قرية صغيرة ولكن أنا برأي أن من يشعر
بالغربة هو شعوره بالغربة عن نفسه أولا .ممكن تكون في وطنك وأهلك حولك وتعيش في وطن
ذكرياتك وطفولتك ورغم ذلك تشعر بالغربة وخاصة بها الأيام كلنا نشعر بهذا الشعور واللهث وراء
العودة للوطن والحسرة هو فقط محاولة ايجاد أنفسنا!!!! وممكن يكون بسبب التناقضات التي
نعيشها....
قال الامام زين العابدين بن علي في قصيدته المشهورة :وهذه بعض ابياتها
ليس الغريب غريب الشام واليمـن.........إن الغريب غريب اللحـد والكفـن
إن الغريـب لـه حـق لغربـتـه..........على المقيمين في الأوطان والسكن
لاتنهـرن غريبـا حـال غربتـه.......الدهـر ينهـره بالـذل والمحـن
هاد برأي أمـــل
انتو شو رأيكم بلغربه؟؟