الصفحة ( ... ) : الكذب :
تعتبر صفة الكذب من أخطر الصفات التي يكتسبها الإنسان ، فهي مدمرة لشخصية الإنسان أولاً
ومدمرة للمجتمع ثانياً .
و قد كانت صفة الصدق و الأمانة من أهم الصفات التي تحلى بها الأنبياء و المرسلون .. فمن
عاكسهم في الصفة عاكسهم أيضاً في الطريق و المصير .
تعريف الكذب :
الكذب هو الإخبار عن شيء بخلاف الحقيقة ، وهو عكس الصدق . والكذب فعل محرم في جميع
الشرائع و الأديان .
أسباب الكذب :
1 - خوفاً من عقاب معين
2
- اكتساب فوائد مادية أو معنوية
3
- الحفاظ على المكانة الاجتماعية
4
- الكذب بسبب الاعتياد أو المرض النفسي .
نتائج الكذب :
1 - فقدان ثقة الأخرين في الشخص الكذاب .
2
- التشكيك في جميع أقواله وأفعاله .
3
- نشر الفرقة و البغضاء بين أبناء المجتمع .
4
- الشخص الذي اعتاد على الكذب يفقد احترامه لنفسه و يفقد الثقة بالآخرين مما يسيء إلى علاقاته
الاجتماعية .
5
- الكذب فعل محرم في كل الأديان و الشرائع و هو عمل يغضب الله و الرسول و يستوجب
العقاب .
قال تعالى
إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) [ سورة غافر: 28]،
وكان الكذب هو أبغض الأخلاق إلى رسول الإسلام محمد بن عبدالله، فعن عائشة رضي الله عنها
قالت : (ما كان خلق أبغض إلى رسول الله من الكذب ولقد كان الرجل يحدث عند النبي بالكذبة فما
يزال في نفسه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة) .
والكذب هو من خصال المنافق :
كما يقول النبي محمد بن عبد الله (أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خلة منهم
كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم
فجر) [ متفق عليه] .
متى يجوز الكذب :
يبيح الإسلام الكذب في ثلاث حالات فقط وهي :
1- الكذب للإصلاح بين المتخاصمين
2
- والكذب على الأعداء في الحروب
3
- الكذب لإرضاء الزوجة
والدليل على ذلك قول أم كلثوم بنت عقبة (ما سمعت رسول الله يرخص في شيء من الكذب إلا ف
في ثلاث كان رسول الله يقول لا أعده كاذبا الرجل يصلح بين الناس يقول القول ولا يريد به إلا
الإصلاح والرجل يقول في الحرب والرجل يحدث امرأته والمرأة تحدث زوجها) [ صحيح ] .
الكذب من أسوء آفات المجتمع :
الكذب صفة اجتماعية قبيحة انتشرت في مجتمع اليوم في كل علاقاته و معاملاته و حواراته ... و
لم يسلم منها أي شخص مثقف أو جاهل ، كبير أو صغير ، ذكر أو أنثى ... و يختلف أسلوب
الكذب شكلاً و براعة حسب المستوى الفكري للشخص و حسب مستواه الاجتماعي و السياسي .
والكذب دليل على ضعف النفس وحقارة الشأن وقلة التقوى، والكذاب مهين لنفسه بعيد عن عزتها،
فالكذاب يقلب الحقائق، فيقرب البعيد، ويبعد القريب، ويقبح الحسن، ويحسن القبيح، قال صلوات الله
وسلامه عليه محذراً من الكذب ومما يؤدي إليه: (وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور،
وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) [ صحيح ] ، وكم من
كذبة أوقعت بين الناس عداوة وبغضاً وكم من كذاب فقد الناس الثقة به وعاملوه على خوف وعدم
ثقة .
أشكال الكذب :
1 - الكذب على سبيل المزاح و الهزل :
و خاصة ما اشتهر على تسميته ( كذبة الأول من نيسان ) وما فيها من تشجيع على الكذب، وأبشع
من قول الكذب إستحلاله والظن أنه يسامح فيه في الهزل أو في أول شهر نيسان فقد أحل أمراً
حرمه الله ، فليحذر من هذه العادة القبيحة التى انتشرت بين الناس، وليعلم أن الكذب في مثل ما
ذكرنا كله قبيح وليس هناك كذب أبيض أو أسود .
ومن الكذب المحرم الكذب لإضحاك الناس ولو ما زحاً فقد ورد في الحديث : (لا يصلح الكذب في
جد ولا هزل) [ صحيح ] ، لأن من كذب مازحاً كذب جاداً وربما جر الكذب في المزاح إلى إيذاء
أو غيبة أو انتقاص للغير وقد يؤدي إلى إدخال الرعب لقلب المكذوب عليه كمن يقول لأحد إن
مصيبة حصلت لأهله أو نحو ذلك فيقع الرعب في نفسه .
2 - الكذب والتملق لأرباب الثراء وأصحاب المناصب :
فمن الناس من يتزلف لهؤلاء ويمدحهم بما ليس فيهم ويخلع عليهم صفات لا يستحقونها، بل
وينشدون فيهم الأشعار و هم يعلمون أنهم لا يستحقون هذا .
3 - الكذب على الأولاد :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يصلح الكذب في جد ولا هزل ولا أن يعد أحدكم ولده
شيئا ثم لا ينجز له) [ صحيح ] .
فكثيراً ما يكذب الوالدان على أولادهما الصغار رغبة في التخلص منهم أو تخويفاً لهم كي يكفوا عن
العبث واللعب أو غير ذلك وكثيراً ما يطلقون كلمات خبيثة في الكذب كقولهم إن فعلت كذا الله
يخنقك أو يعذبك فهذه صورة سيئة وإهمال في التربية والتوجيه ، فينشأ الولد على ذلك وقد تلقن
الكذب من أمه وأبيه .
4 - الكذب في البيوع والعقود و أعمال التجارة و المال :
كثرت في أيامنا أحاديث الكذب و خاصة في تعاملات البيع و الشراء و في مكاتب الوساطات
التجارية و العقارية .
5 - الكذب على الله و على الرسول :
وأشد و أعظم أنواع الكذب هو الكذب على الله تعالى كمن يحل ما حرم الله أو يحرم ما أحل الله
قال الله سبحانه وتعالى: (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ ٱلْكَذِبَ هَـٰذَا حَلَـٰلٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ لّتَفْتَرُواْ عَلَىٰ
ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ ) [النحل:116] .
وقال الله تعالى : ( ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب أو كذّب بآياته إنه لا يُفلِح الظالمون )
[الأنعام:21].
وكالفتاوى الكاذبة التى تحرض على قتل النفس التى حرم الله و ادعاء أن طرق الجنة تمر من هنا
وهناك، ونسبة ذلك إلى شرع الله تعالى وكثير ما يفترى البعض أحاديث لاصحة لها وينسبونها إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أيضاً من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو
ادعوا أن فيها تشجيعاً على الخيرات فإن في كلام رسول الله ما يكفي للترغيب في الخيرات وفعل ا
المبرات ولاحاجة للكذب على لسان رسول الله كقول البعض إن الرسول قال من يعمل أو يقل كذا
فله كذا من الحسنات فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن كذباً علي ليس ككذب على أحد
من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) [ صحيح ] .
فليحذر من التكلم على لسان النبي بغير علم ومعرفة وتحقق .
والكذب شيمة أهل النفاق وطريق قصيرة تفضح سالكها :
جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (آية المنافق ثلاث: إذا حَدَّث كَذَب، وإذا وعَد
أخلف، وإذا أؤتُمن خان) [ صحيح ] .
اللهم ارزقنا قول الحق ... اللهم ارزقنا قول الصدق ... اللهم أبعدنا عن كل أشكال الكذب والنفاق
والضلال .
مع خالص تحياتي_أمــــــــل